أحياناً لا تشبه البدايات النهايات، ولكنْ كثير من النهايات الجميلة، كان منطلقها البدايات الواعدة، لذلك كلما تعلق الأمر بدوري مجموعات من ست جولات، كان الهم الأكبر تجميع أكبر قدر من النقاط لتأمين العبور للدور الموالي.
ولأن هذه الجولات الست تتفرق على أزمنة متباعدة، وتحكمها أحياناً ظروف تكاد تكون متناقضة، يكون من المهم أن تكون البداية قوية وملهمة، لذلك تمنينا لو أن العين والشارقة الحاملين لمشعل الحلم الإماراتي في دروب دوري أبطال آسيا المتعرجة والصعبة، يوقعان على أفضل بداية ممكنة لهما في دور المجموعات، وقضت البرمجة والقرعة أن يتنقل الزعيم العيناوي إلى أوزبكستان لملاقاة باختاكور، وأن يعرج الملك الشرقاوي على الدوحة لمواجهة السد القطري.
كان رائعاً أن يلتقط الشارقة بشجاعة كبيرة وبجرأة تكتيكية أكبر، بخاصة على مستوى التنشيط الدفاعي لمنظومة اللعب، نقطة من استاد جاسم بن حمد، فهذه النقطة ستكون منطلقاً للإمساك بلجام المجموعة، بل إن مداها سيتحدد عندما يستضيف الشارقة في الجولة الثانية الفيصلي الأردني الذي أخطأ البدايات، عندما خسر على أرضه أمام ناساف الأوزبكي.
وكان مفاجئاً لي وللكثيرين أن يتعاطى العين مع مباراته الافتتاحية التي قادته لأوزبكستان لملاقاة باختاكور، بأسلوب فيه الكثير من الثقة بالقدرات الجماعية قبل الفردية، فالعين ما استكان ولا انشغل بوضع المتاريس أمام مرماه، ولا ترك الكرة والاستحواذ لمنافسه، وما انشغل دون ذلك بتأمين المنطقة وبوضع الجدارات المانعة لعبور حتى الصوت أمام الحارس خالد عيسى، صحيح أنه أمنَّ خط الظهر ولكنه من البداية قال لباختاكور من أين جاء ومن يكون، فريق يملك مفرقعات هجومية، حرام أن تدفن تحت الأنقاض الدفاعية.
وأتصور أنني شاهدت واحدة من أجمل مباريات العين في السنوات الأخيرة، ليس القصد أن الأداء الجماعي كان بحجم إبهار غير مسبوق، لكن الفكر الهجومي الذي تعامل به العين مع مباراة يلعبها بميدان المنافس، هو ما فاجأنا وهو ما صدم باختاكور الذي وجد نفسه بعد 25 دقيقة فقط، متأخراً بهدفي لابا كودجو وخالد البلوشي، وطبعاً تستحيل العودة على باختاكور في مثل هذه الظرفية، إذا لم يتطرف العين دفاعياً وإذا لم ينسق اللاعبون وراء الحاسة «الملعونة» التي تحرض على التراجع.
فاز العين هناك في ميدان باختاكور بثلاثية نظيفة، وكانت الحصة ستكون أكبر، لو حضر التركيز عند وضع الخواتيم لعديد الجمل الهجومية، وما استبد بنا من عجب ونحن نرقب هذا العين المبدع يكتسح منافسه بمعقله، سيزول إذا عرفنا له سبباً، والسبب هو أن الكرة الشاملة التي يتنفسها مدرب العين، الهولندي ألفريد شرودر، واحدة لا تتجزأ مهما اختلفت الملاعب والخصوم، وحتى الأزمنة.